مؤلفة “في منزل أنثى السنجاب” مريم الكرمي لـ”نجمة”: حينما نتمسك بلغتنا وهويتنا.. نفرض احترامنا على الجميع
فكرة الأغنية جاءت في ثانية واحدة.. ولم أكن أدري هل سيكتب لها القبول
تتحدث الشاعرة المصرية المرموقة مريم الكرمي في هذا الحوار الذي أجراه موقع “نجمة نت”، عن واقع وآفاق أغنية الطفل في العالم العربي، وسر النجاح الكبير لعملها “في منزل أنثى السنجاب”..
حاورها/ أيـمـن السـامـرائـي
▪في منزل أنثى السنجاب أغنية أطفال نالت شهرة واسعة جدا في العالم العربي، هل كنتم تتوقعون هذا النجاح؟
أولا أحب أن أوجه التحية من أعماق القلب محملة بأسمى معاني الود والتقدير لأشقائي في الجزائر الحبيبة.. ثانيا كتبت أغنية “في منزل أنثى السنجاب” وأنا لا أدري هل سيكتب لها القبول أم لا.. لكني رجوت فقط من كل قلبي أن تنال إعجاب الأطفال لسبب بسيط.. ليس هناك ضمانة لذلك..
أغنية عمرها ثلاث سنوات.. تثبتّ أمرا واحدا وهو أنه ليس عليك القفز بسرعة للوصول، لكن المضي بخطى ثابتة وقوية يصل بك إلى النجاح.. وأنا واثقة بأن هناك أغنيات أخرى في قناة “أسرتنا” سيكتب لها النجاح نفسه يوما.
▪برأيكم، إلى ما يعود سر نجاح هذه الأغنية بالذات دون غيرها من أعمالكم السابقة؟
يعود نجاح هذه الأغنية بالذات لأن روح الفريق كانت تتجسد بها.. كنا بالقناة نعمل ونكمل بعضنا ونلتف حول هدف نبيل..
وكما أسلفت؛ هناك أغنيات ستنجح يوما لأنها تصعد بهدوء وتتقدم بثقة وتملك كل مقومات تفردها.. ثم هناك معلومة بسيطة لكنها مهمة؛ هذه الأغنية كانت هي تقريبا الثانية لي في القناة عندما بدأت عملي بها واستغرق تألقها كل هذا الوقت .
▪ربما تحضرنا هنا المقاطع الساخرة على منصات مواقع التواصل التي وظفت هذه الأغنية بأشكال مختلفة.. هل كان لهذا جانب في نجاح الأغنية مثلا؟
لفتت أغنية “في منزل أنثى السنجاب” انتباه “المؤثرين” في “السوشيال ميديا” بعدما فرضت نفسها كواقع لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه.. أعجبت الأطفال، شدت انتباههم؛ ورحب بها الآباء كمفضلة ليسمعوها بعد أن أدهشهم تعلق أطفالهم بها.. ثم تسللت إلى المقاطع الساخرة بعد ذلك.. لا يجب وضع العربة أمام الحصان.
طفت الأغنية على السطح بعدما تغلغلت في العمق لوقت طويل .لكن مع ذلك؛ لا أنكر أن هذه المقاطع ساعدت في انتشارها بشكل أسرع ووقت أقل.. فشكرا لكل من ساهم في نجاحها؛ فقد قدم خدمة لاتجاه جديد ومنعطف سيغير من أسلوب الكتابة للطفل.
▪كيف جاءت فكرة تأليف هذه الأغنية؟
فكرة الأغنية جاءت في ثانية واحدة.. خطرت ببالي عندما طلبت مني القناة أغنية على نسق أغنية بنفس المعنى.. لكن يغنيها أشخاص بمعنى أن أبطال الأغنية بشر.. قررت ألا أجعل أبطال أغنيتي بشرا؛ بل حيوانات لأنني أم وأعرف كيف تشد الحيوانات والطيور انتباه الصغار، وكذلك جعل الأغنية بسيطة وفيها إثارة وتشويق.
كيف سيتصرف السناجب اللطفاء والثعلب يحاول في كل مرة إغراءهم بكل ما هو محبب لدى كل طفل؛ الحلوى، البالونات، السيرك.. هل سيقاوم السناجب كل هذا أم سيفتحون الباب ويلتهمهم الثعلب.. حبكة جعلتها في مخيلة كل طفل يرى ويسمع الأغنية.. وبارك الله جهود العاملين بالقناة.. تضافرت الجهود.. التلحين والأداء، لتصنع هذه الأغنية المميزة.
الكلمة الراقية واللحن الرشيق المطلب الملح هذه الأيام لدى الأطفال.. أطفال اليوم يمكنهم المفاضلة بين هذا وذاك.. ولديهم نظرة ناقدة بسبب تنوع المقدم لهم..
▪طيب.. ماهي الرسائل التي توجهها أغنية “في منزل أنثى السنجاب” للطفل؟
الرسائل الضمنية المقدمة للطفل هي أن يسمع كلام والديه ويصغي إلى نصحهما لأن ذلك خير له.. أن يكون حذرا مع الغرباء مهما حاولوا إغراءه.. وأن يعلم أن هناك أشرار في الحياة فليست كلها أخيارا.. وأضف أن يتذوق جمال لغته العربية الفصحى ويعرف مدى جاذبيتها.
▪برأيكم.. أيهما أقوى وأفضل في توصيل الرسائل التربوية، اللغة العربية الفصيحة أم اللهجات المحلية المختلفة؟
اللغة العربية الفصحى مقبولة ويمكن تضمينها أفكارا تربوية كما أثبتت التجربة.. ولكن الكلمة الراقية واللحن الرشيق هما المطلب الملح هذه الأيام لدى الأطفال.. ولا يعني نجاح أغنيات ليست على المستوى المطلوب من حيث الألحان والكلمات، أنها ستدوم لوقت طويل.. وللسائل، هل الفصحى الأنسب أم اللهجات العامية؟.. أقول إن شهادتي هنا مجروحة لأنني أميل للكتابة بالفصحى وهذا لا يُفسَر بأن اللهجات العامية لا يمكنها تقديم محتوى رائع؛ بل يمكنها لأنها سهلة ودارجة وقريبة جدا إلى أذن الطفل.. المهم هو جودة العمل المقدم في النهاية.
▪كيف تنظرون إلى واقع أغنية الطفل في العالم العربي، وماهي التحديات التي تواجهها؟
مر وقت وفقدت الأغنية المقدمة للطفل شاعرها وملحنها ومغنيها حتى بهتت وصارت فارغة.. تتألق بعض الأغنيات ثم لا تستمر ولا تلتصق بذاكرة، بين صعود حاد وهبوط أشد حدة.. واقع غريب
قد يكون السبب هو عدم منح الفرصة للشاعر الحقيقي الموهوب أو الملحن والمغني، وتمسك القنوات بالمتاح لديها وعدم رغبتها في المغامرة بتجربة الجديد خشية الخسارة في حال الفشل.. فقط علينا التعامل مع طفل اليوم ومخاطبته بعقلية جديدة تواكب العصر.. فأطفال اليوم يمكنهم المفاضلة بين هذا وذاك، ولديهم نظرة ناقدة بسبب تنوع المقدم لهم
التحديات التي تواجه أغنية الطفل هذه الأيام هي عقلية الكبار وتعاملهم مع الطفل من منظور أنه صغير يحب فقط الإيقاع والصور الملونة.
▪كيف تنظر الشاعرة مريم الكرمي إلى موضوع الحفاظ على الهوية والثقافة للطفل العربي في ظل الغزو الفكري الغربي على مواقع التواصل و”اليوتوب” وغيرها؟
أشعر بالحزن أحيانا عندما أرى أننا فقدنا الكثير من قدراتنا ونسينا أننا نملك كل الأدوات اللازمة لتقديم محتوى راق وممتع ينافس عالميا.. فقط لو توفرت الإرادة وإخلاص النوايا والدعم اللازم وكان الهدف هو البحث عن المواهب وإبرازها والاستفادة منها.. لأن الحفاظ على الهوية ليس أمرا يمكن الاستغناء عنه، إنه يحمل ثقافة وفكرا وتفردا.. فحينما نتمسك بلغتنا وهويتنا نفرض احترامنا على الجميع..
لا يحترم الناس النسخ المقلدة أبدا، بل تظل هوية الفرد هي أصله يتفرد به ويتميز وينال الاحترام..
نجرم في حق أطفالنا حينما نتركهم نهبا للأفكار الدخيلة، والحل لا يكمن في منعهم لأن الممنوع مرغوب، بل في تقديم أعمال جيدة قادرة على المنافسة وطرد تلك الأفكار والثبات في وجه التحديات.. لا يجب أن يكون المقدم تربويا محضا، بل متوازنا لتلبية حاجة الطفل للاستمتاع بأغنية ذات كلمات راقية وألحان جذابة وجميلة..