الوزير الأول يعرض نظرة الجزائر الاقتصادية في “منتدى الأعمال الإفريقي- الأمريكي”

منتدى الأعمال الإفريقي الأمريكي

أكد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان أن الجزائر قررت إعادة النظر في المنظومة القانونية التي تسير الاستثمار لإعطاء أكبر ثقة وضمانات للمستثمرين، وتجسد هذا من خلال صدور قانون للاستثمار بكافة آلياته التطبيقية.

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان “بناء مستقبل مستدام.. الشراكات من أجل تمويل البنى التحتية في إفريقيا والانتقال الطاقوي” في إطار “منتدى الأعمال الإفريقي- الأمريكي”، أكد الوزير الأول أن الدولة الجزائرية قدمت وتقدم كل الضمانات للمستثمرين، والسوق الجزائرية واعدة جدا، مضيفا أن الجزائر لديها نظرة اقتصادية اندماجية مع الجوار الإفريقي.


 تدخل الوزير الأول  في منتدى الأعمال الإفريقي-الأمريكي

ورشة بعنوان:

بناء مستقبل مستدام: الشراكات من أجل تمويل البنى التحتية في إفريقيا والانتقال الطاقوي”

 

“اتخذت الجزائر مؤخرًا بعض الخطوات الرئيسية لجذب المزيد من الاستثمار الخاص، بما في ذلك تنويع قطاع الطاقة. لقد اعتمدت هذا الصيف قانونًا جديدًا للاستثمار، يوضح اللوائح، ويحفز قطاعات معينة، ويسرع الموافقات والتدابير، ويبسط تحويل الأرباح، ويوفر وسيلة للطعن في القرارات القانونية المتعلقة بالاستثمار. لقد أصدرت أيضًا إعلانات مناقصات جديدة للطاقة الشمسية. هل يمكنكم التحدث عن استجابة القطاع الخاص لهذه الجهود، وخططكم لجذب المزيد من الاستثمار في البنية التحتية وانتقال الطاقة في المستقبل؟”

 في البداية أشكر الإدارة الأمريكية على تنظيم القمة الثانية للشراكة بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكذا منتدى الأعمال الإفريقي-الأمريكي الذي نحن فيه اليوم.

وأود أن أشير أيضا، قبل الخوض في الموضوع، إلى أن اختيار الجزائر للحديث عن هذا الموضوع الهام والمتمثل في “بناء مستقبل مستدام: الشراكات من أجل تمويل البنى التحتية في إفريقيا والانتقال الطاقوي” هو اختيار موفق، ذلك أن الجزائر تولي اهتماما خاصا لكل العناصر التي يحيط بها هذا الموضوع، لاسيما البنى التحتية والانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة.

بالفعل، فإن الجزائر قد خطت خطوات عملاقة في إطار الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وبالأخص على الصعيد الاقتصادي، أين تم مؤخرا وضع منطومة قانونية وتنظيمية جديدة لتأطير الاستثمار.

حيث أن القانون الجديد للاستثمار يرسخ مبادئ هامة لاسيما حرية الاستثمار إذ يتيح للجميع، دون استثناء أو تمييز بين المتعاملين الوطنيين أو الأجانب، المقيمين وغير المقيمين، كامل الحرية في اختيار الاستثمار، مع إرساء الشفافية والمساواة في التعامل مع الاستثمارات.

كما يتيح أيضا للمستثمرين فرص الاستفادة من العقار والعديد من الإعفاءات ويبسط أيضا جميع الإجراءات لاسيما فيما يتعلق تحويل رأس مال المستثمر والعائدات الناجمة عنه، ويحمي حقوق الملكية الفكرية للمستثمر.

وينشئ القانون أيضا لجنة وطنية عليا للطعون المتصلة بالاستثمار، لدى أعلى هيئة في الدولة أي لدى رئاسة الجمهورية، وهو ما يعكس عزم الدولة على حماية المستثمر وتوفير كافة الظروف لنجاح الاستثمار، فضلا عن القضاء الذي يبقى مجندا أيضا لاستقبال عرائض المستثمرين.

كما يحمي القانون جميع الاستثمارات المنجزة في ظله من أي تغيير قد يطرأ على القانون، إلا إذا طلب المستثمر ذلك صراحة، وهو ما يعزز الأمن القانوني للمنظومة التي تحكم الاستثمار ويجسد مبدأ الاستقرار القانوني.

ومن الجانب المؤسساتي، تم استحداث وكالة جزائرية لترقية الاستثمار، تتمثل مهمتها في مرافقة المستثمرين في جميع مراحل الاستثمار، لاسيما من خلال الشباك الوحيد للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، والشبابيك الوحيدة اللامركزية.

كما تم إنشاء منصة رقمية للمستثمر تسمح بتوفير كل المعلومات اللازمة، لاسيما فرص الاستثمار في الجزائر، والعرض العقاري والتحفيزات والمزايا المرتبطة بالاستثمار وكذا الإجراءات ذات الصلة، التي أصبحت بذلك رقمية ولا مادية، ويمكن مباشرتها عن بعد، عن طريق الإنترنت.

ويتضمن القانون الجديد للاستثمار، فصلا كاملا مخصصا للأنظمة التحفيزية على غرار نظام القطاعات المخصص للقطاعات ذات الأولوية، ونظام المناطق المخصص للمناطق ذات الأولوية ونظام الاستثمارات المهيكلة، التي تكون ذات قدرة عالية لخلق الثروة واستحداث مناصب الشغل ورفع جاذبية الإقليم وتكون قوة دافعة للنشاط الاقتصادي من أجل تنمية مستدامة.

وتولي الجزائر بذلك اهتماما خاصا للاستثمارات في قطاعات المناجم، والفلاحة وتربية المائيات والصيد البحري، والصناعة والصناعة الغذائية والصناعة الصيدلانية والبتروكيميائية، والخدمات والسياحة والطاقات الجديدة والمتجددة واقتصاد المعرفة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. حيث تتمتع الاستثمارات المنجزة في هذه القطاعات بتحفيزات جبائية وشبه جبائية وجمركية، والعديد من الإعفاءات الهامة.

كان هذا باختصار تقديم موجز للمنظومة القانوني الجديدة للاستثمار في الجزائر والتي بدأت ثمارها تبدو للعيان في وقت وجيز، حيث لمسنا الكثير من الاهتمام لدى العديد من الشركات والمتعاملين والشركاء الدوليين، الذين يرغبون في الاستثمار في الجزائر، والاستفادة من المناج الجديد للاستثمار، وكذا من المزايا الأخرى التي تتيحها السوق الجزائرية، لاسيما انخفاض تكلفة الطاقة، واليد العاملة المؤهلة، وكذا البنى التحتية الهامة للنقل عبر مختلف الوسائل، بالإضافة إلى انتماء الجزائر إلى منطقتي التبادل الحر الإفريقية والعربية، وارتباطها باتفاقات تفاضلية مع شركاء دوليين، وهو ما يتيح آفاقا تصديرية واعدة للمستثمرين في الجزائر.

وقناعة منها بأهمية البنى التحتية، فإن الجزائر قد شيدت العديد من المنشآت القاعدية الكبرى، التي أعطتها تصورا اندماجيا إقليميا، على غرار الطريق السيار شرق-غرب والطريق العابر للصحراء، وعشرات الموانئ والمطارات والسدود وغيرها، وهي تشكل إضافة حقيقية للاندماخ في المنطقة وفي إفريقيا عموما.

وتواصل الجزائر سياستها في تطوير البنية التحتية لاسيما توسيع شبكة النقل بالسكة الحديدية وتشييد المنصات اللوجستية، كما تعكف حاليا على دراسة إنجاز مشروع طريق بري يربط بين مدينتي تندوف بالجزائر والزويرات بموريتانيا، وهو ما سيخلق رواقا اقتصاديا حقيقيا يربط الجزائر بمنطقة غرب إفريقيا. ولذا ترحب الجزائر بكل المستثمرين الراغبين في المساهمة في هذا الهدف الذي تتوخى الجزائر منه هدفا مزدوجا يتعلق بدعم جهود التنمية الوطنية والمساهمة في تحقيق الاندماخ الإقليمي والدولي.

وفيما يتعلق بالطاقة تحديدا، يعد تنويع مزيج الطاقة أحد التحديات الرئيسية لتحول الطاقة في الجزائر، مما يجعل من الممكن إدارة الموارد غير المتجددة بشكل أفضل والتحكم في الطلب الداخلي على الطاقة، وتحقيق الانتقال الطاقوي.

حيث تعمل الجزائر على ترشيد استهلاك الطاقة لاسيما في قطاع العمران، وفي قطاع النقل، مع إدراخ الطاقات المتجددة والنظيفة وتوسيع نصيبها في خليط الاستهلاك الطاقوي الوطني، وبالأخص الطاقة الشمسية التي تتوفر فيها الجزائر على أحد أكبر الحقوق في العالم بما يقارب 3600 ساعة سطوع للشمس سنويا.

ومن أجل تسريع وتيرة الانتقال الطاقوي، تعمل الجزائر على تطوير صناعة وطنية للتجهيزات المرتبطة بتوليد الطاقات المتجددة والطاقة الشمسية بالأخص، وذلك من خلال توظيف الموارد المالية المتاحة من استغلال المحروقات، وهو ما يتطلب أيضا توفير مناج مناسب للابتكار والمقاولاتية في هذا المجال، لاسيما بالنسبة للقطاع الخاص.

وهنا، نذكر بأن الجزائر قد أطلقت مشروعا لانتاخ طاقة شمسية بسعة 1000 ميغاواط يحمل اسم “سولار 1000 ميغاواط”، وهو جزء من ورقة الطريق الحكومية لتطوير الطاقات المتجددة.

وعلاوة على الطاقة الشمسية، تعكف الجزائر على أيضا على تجسيد العديد من المشاريع المتصلة بالطاقات المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، انطلاقا من قناعتها بأن الانتقال الطاقوي محرك للإنعاش الاقتصادي الأخضر، أين يشكل الأمن الطاقوي رهانًا جوهريًا للدولة، من أجل تنويع الاقتصاد والخروخ التدريجي من دائرة فرط الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ويمكن تلخيص استراتيجية الجزائر في هذا المجال في ثلاثة محاور:

  • المحور الأول، خصص لتطوير الطاقات المتجددة ونشرها على نطاق واسع للإنتاخ المركزي للكهرباء، عبر تنفيذ برنامج 15000 ميغاواط بحلول عام 2035؛
  • المحور الثاني، يتعلق بتعزيز رصانة وكفاءة الطاقة، مع استهداف توفير أكثر من 3 تيراواط ساعي من الطاقة في عام 2024؛
  • فيما يتعلق بالمحور الاستراتيجي الثالث، فهو يضع تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر كهدف لعام 2025.

وفي الأخير، يمكنني أن أقول أن الجزائر أصبحت وجهة استثمارية بامتياز تتوفر على العديد من المزايا والتحفيزات التي تحقق للجزائر منفعتها الاقتصادية وللمستثمرين الربح المنشود، خاصة وأن الجزائر تتوفر، تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على رؤية اقتصادية واضحة تحدد الأولويات التي يحظى فيها المستثمرون بالمرافقة والدعم اللازمين.

وشكرا لكم.


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى